بقلم: ياسرالجبالى
تظل رابعة العدوية رمزًا للزهد والورع، فهي مثال حي للعاشقة التي لم تعرف سوى حب الله سبحانه وتعالى. ولدت في مطلع القرن الثاني الهجري في البصرة، وكانت الابنة الرابعة في عائلتها، حيث نشأت في بيئة دينية محافظة. على الرغم من فقر والديها، إلا أنهم كانوا مؤمنين ورعين، مما أثر في تربيتها.
وُلدت رابعة بنت إسماعيل القيسية، وسرعان ما فقدت والديها في سن مبكرة، مما جعلها تعيش في ظروف صعبة. لم يكن لديها سوى قارب صغير ينقل الناس في نهر دجلة. ومع انتشار المجاعة، تعرضت للاختطاف وبيعها في سوق الرقيق.
عانت رابعة في بيت سيدها، لكنها لم تفقد إيمانها. كانت تُناجي ربها في لياليها الباكية، متسائلة إن كان الله راضيًا عنها. وقد رآها سيدها ذات ليلة متألقة في عبادة الله، مما دفعه لمنحها حريتها، فاختارت الرحيل لتكون حرة في عبادة الله.
تفرغت رابعة للعبادة، وكانت تقضي لياليها في الصلاة والتأمل. تأثرت بأحد العابدات الكبيرة، السيد حيونة، واعتادت على الصلاة مئات الركعات يوميًا. كانت تتوق لرضا الله أكثر من أي شيء آخر.
عندما عُرض عليها الزواج من رجل ثري، أجابت بأن الزهد هو راحة القلب، وأرسلت له نصيحة عن أهمية الاستعداد للآخرة. عاشت رابعة عذراء، مفضلة حب الله ورسوله على كل متاع الدنيا.
في حادثة شهيرة، حاول لص سرقة ثوبها، لكنه لم يستطع الخروج من حجرتها. وعندما استيقظت، طلبت منه أن يأخذ شيئًا، مما أدى إلى توبته على يدها.
توفيت رابعة العدوية عن عمر يناهز الثمانين، بعد أن قضت حياتها في حب الله وطاعته، تاركةً وراءها إرثًا من الزهد والعبادة.
تظل قصة رابعة العدوية مثالًا ملهمًا للعديد من العشاق والعباد، حيث تُظهر كيف يمكن للروح أن ترتقي فوق متاع الدنيا لتصل إلى حب الله.
التسميات
مقال