بقلم: ياسرالجبالى
يُعتبر كتاب "مفصل العرب واليهود في التاريخ" للدكتور أحمد سوسة عملاً موسوعيًا يتناول تاريخ فلسطين القديم من منظور جديد. يسعى المؤلف إلى تقديم رؤية علمية تتجاوز الروايات التقليدية، موضحًا الدور المهم للحضارة العربية في تشكيل الهوية الفلسطينية.
يبدأ الكتاب بمراجعة تاريخ فلسطين قبل ظهور النبي موسى. يستند سوسة إلى الأدلة التاريخية ليظهر أن الحضارة العربية كانت موجودة في المنطقة قبل وجود اليهود، مما يساهم في تصحيح المفاهيم الخاطئة حول الجذور التاريخية للصراع العربي-اليهودي.
يُبرز الكاتب الفرق بين مصطلحات مثل العبرانيين، واليهود، وبني إسرائيل. يوضح كيف أن الخلط بين هذه المصطلحات قد أدى إلى تشويه الفهم التاريخي. هذا التفريق يساعد القارئ على فهم السياق التاريخي بشكل أفضل ويعزز دقة الرواية.
يناقش سوسة الفرق بين العهد القديم، الذي كُتب بعد ثمانية قرون من وفاة موسى، والتوراة، التي نزلت عليه. يشير إلى أن العهد القديم يحتوي على روايات قد تكون غير دقيقة تاريخيًا، مما يتطلب قراءة نقدية للمصادر الدينية.
يستعرض الكتاب الهجرات إلى الهلال الخصيب، مُركزًا على تأثير العوامل الجغرافية والبشرية في تشكيل تاريخ المنطقة. يوضح كيف أن هذه الهجرات لعبت دورًا محوريًا في تطوير الهوية الثقافية والاجتماعية للشعوب.
يتناول الكتاب التوراة كمصدر تاريخي، ويقارن بينها وبين السجلات الأثرية مثل السومرية والبابلية. يُظهر سوسة كيف أن بعض الروايات الدينية قد تتعارض مع الأدلة الأثرية، مما يدعو إلى ضرورة الاعتماد على الدراسات الأثرية لفهم التاريخ بشكل أدق.
يناقش سوسة شخصيات بارزة مثل إبراهيم وموسى، مُحللاً دورهم وتأثيرهم في الأحداث التاريخية. يوضح كيف أن هذه الشخصيات كانت لها تأثيرات عميقة في تشكيل الهوية الدينية والثقافية.
يستعرض الكتاب نشأة الصهيونية وعلاقتها بالاستعمار الغربي. يُظهر كيف أن الأبعاد السياسية والاقتصادية ساهمت في تشكيل الهوية الصهيونية، مما يساعد في فهم أعمق للصراع المستمر في المنطقة.
يُعتبر "مفصل العرب واليهود في التاريخ" مرجعًا مهمًا للباحثين والمهتمين بتاريخ فلسطين. يُقدم رؤية غنية مدعمة بالأدلة العلمية، مما يعزز من فهم القارئ لجذور الصراع العربي-اليهودي. بأسلوبه العلمي وموضوعيته، يُسهم الدكتور سوسة في إعادة تشكيل الفهم التاريخي للمنطقة، مما يفتح المجال لمزيد من الدراسات والنقاشات حول هذا الموضوع الحيوي.
التسميات
ثقافة